“نداء روما”: لا يشترط تنحّي الأسد و”يفوّض” روسيا بحلّ الأزمة “الإنسانية” في سوريا!

الشفاف

الإنطباع السريع الأول بعد قراءة “نداء روما من أجل سوريا” هو: ماذا يمنع بشار الأسد، ووزير خارجية روسيا، وطهران، وحزب الله، من قبول هذا النداء؟ ومع كل التقدير للمعارض التاريخي ميشال كيلو (الذي لا يشكّك أحد في مصداقيته وفي نضاله المديد ضد نظام آل الأسد)، فإن “النداء” يبدو، من عدة نواحٍ، شبيهاً جداً بالمواقف الروسية خصوصاً، والإيرانية، والحزب إلهية!

ولا بدّ من ملاحظة أن “النداء” لا يدعو حتى إلى سحب الجيش السوري النظامي (جيش آل الأسد) إلى الثكنات وخروجه من المدن، كما طالبت “خطة أنان” التي لم ينفّذها النظام!

ولا يشترط “النداء” أن يسلّم بشّار الأسد السلطة حتى لنائبه فاروق الشرع (حسب ما أشيع عن موقف روسي من هذا النوع)! ولا يطالب حتى بتشكيل “حكومة إنتقالية” أو “حكومة وحدة وطنية”!

ويلتقي “النداء” مع الموقف الروسي والإيراني مجدداً حينما يطالب بأن تكون الأمم المتحدة “الطرف الدولي الوحيد المسؤول عن تنسيق جهود اغاثة السوريين ودعم صمودهم داخل وخارج البلاد”! فمن الصعب ألا يُعتَبَر هذا البند بمثابة رفض وإدانة لمطالبة الجامعة العربية بتنحّي بشّار الأسد، وبمثابة رفض للمساعدات المالية والعسكرية والإنسانية التي تقدّمها قطر والسعودية للمعارضة السورية .

ومن حيث التوقيت، فإنه يصعب ألا يعتبر المرء أن هذا البيان يأتي متأخراً سنة ونصف السنة عن وقته المناسب!

فحينما يدعو “النداء” إلى “عملية سياسية تؤدي إلى سوريا سلمية آمنة وديموقراطية”، وحينما يدعو “إلى مفاوضات شاملة لا تستثني أحداً تستكمل بمصالحة وطنية أصيلة تستند إلى قواعد العدالة والإنصاف”، فإن ذلك هو، تحديداً، ما سعت المظاهرات الشعبية “السلمية” إلى تحقيقه، ولكن “حوار” النظام معها كان بالرصاص وبقذائف المدافع!

ثم ماذا تعني “قواعد العدالة والإنصاف” في السياسة العملية؟ هل المطلوب من طاغية دمشق (وشقيقه “ماهر”؟) أن يكون “منصفاً وعادلاً” فيقوم بإعادة السلطة التي اغتصبها والده إلى الشعب السوري، وأن “يُنصِف” مئات الألوف من السوريين الذين قتلوا، ودخلوا المعتقلات، وحرموا من حقوقهم المدنية على مدى 50 عاماً؟

مرة أخرى، “نداء روما” لا يفرض أدنى شرط على طاغية دمشق، في حين أنه يعزّز موقفه حينما يطالب بمنع الدول العربية (وأوروبا واميركا) من دعم المعارضة المسلحة!

وبالفعل نفسه، فإن عزل المعارضة السورية عن بُعدِها العربي والدولي لا يعني في الواقع سوى إعطاء روسيا بالحد الأدنى (وروسيا وإيران عملياً) “كل الأوراق” في ما يتعلق بمستقبل الشعب السوري! قبل سنوات ليست بعيدة جداً، اعتبر الرئيس أنور السادات أن اميركا تملك “كل الأوراق” في الصراع العربي-الإسرائيلي؟ فهل يريد السادة الموقّعون على “النداء” تفويض روسيا بحلّ “الأزمة السورية الإنسانية”؟

مرة أخرى، وبدون الدخول في منطق “تخوين” لأحد، فما الذي سيمنع بشّار الأسد، ولافروف، وخامنئي، من الترحيب بـ”نداء روما”؟

ومرة أخرى، فمنذ أسابيع قليلة، بات السؤال الرئيسي هو: متى يفرّ بشّار الأسد من دمشق؟ أي، متى يسقط نظام بشّار الأسد؟

وإذا صحّ أن ذلك هو السؤال الرئيسي الآن، فليسمح الموقّعون على “النداء” للسوريين، وأصدقائهم، بالتساؤل عما إذا كان “النداء” بمثابة “مدّ اليد لبشّار الأسد قبل ثوانٍ من سقوطه”!

نحن نفترض أن بشّار الأسد (إذا كان يتمتع بالحد “الأدنى” من الذكاء، وهذا ليس مؤكّداً..) سيرحب بـ”نداء روما”! كما سيرحّب به السيدان لافروف وصالحي (وكذلك مندوب الصين في الأمم المتحدة,,)!

ولكن، لنفترض الأسوأ: أن يرفض بشّار الأسد النداء، او أن لا يكترث به! ماذا سيقترح الموقّعون بعد ذلك؟

بيار عقل

*

أطلق معارضون سوريون ما أسموه “نداء روما من أجل سوريا” في نهاية اجتماع عقدوه في العاصمة الايطالية، وابدوا فيه استعدادهم لعقد حوارات داخل البلاد.

وقال المعارضون في بيان “نداء روما”، “إننا نختلف في الآراء والتجارب، لكننا ناضلنا ولا زلنا نناضل من أجل الحرية والكرامة والديموقراطية وحقوق الإنسان، ومن أجل بناء سوريا ديموقراطية مدنية آمنة للجميع ودون خوف أو قهر، ونحب سوريا ونعلم أنها مكان تعايش أديان وقوميات مختلفة وأنها تواجه اليوم خطراً محدقاً يمس وحدة الشعب وحقوقه وسيادة الدولة”.

وحمل البيان تواقيع معارضين سوريين بارزين هم: هيثم مناع، وميشيل كيلو، وفاير سارة، وسمير عيطة، ورجاء الناصر، وعبد العزيز الخير، وحسين العودات، وفائق حويجة، وعقاب أبو سويد، وأمل نصر، وعبد السلام أحمد، ورياض درار، وصدى حمزة، وأنس جودة، وأيهم حداد، وعلي رحمون، وريم تركماني.

وعارض البيان الحل العسكري، واعتبر أنه “يحتجز الشعب السوري رهينة دون حل سياسي يحقق مطالبه”، مبدياً استعداد المعارضين الموقعين على نداء روما “لعقد حوارات داخل البلاد”. واضاف “ان الضحايا، من قتلى وجرحى ومعتقلين ومفقودين ومشردين إضافة للأعداد الكبرى للمهجرين داخل البلاد واللاجئين خارجها، تدعونا لتحمل مسؤولياتنا من أجل وقف دوامة العنف، ودعم كل أشكال النضال السياسي السلمي والمقاومة المدنية بمختلف تعبيراتها بما في ذلك عقد اللقاءات والحوارات والمؤتمرات داخل البلاد”. وشدد بيان “نداء روما من أجل سوريا” على “أن الأوان لم يفت لانقاذ البلاد”، رافضاً الركون إلى “السلاح والعنف كحل”، لإيمانه بأنهما “يعرضان وحدة الشعب والدولة والسيادة الوطنية للخطر”.

وقال “نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى مخرج سياسي للأوضاع في سوريا، وهذه هي الطريقة الملائمة للدفاع أيضاً عن مٌثل وأهداف من يضحون ويعرّضون حياتهم للخطر من أجل الحرية والكرامة”، داعياً “الجيش السوري الحر وكل من حمل السلاح إلى المشاركة في عملية سياسية تؤدي إلى سوريا سلمية آمنة وديموقراطية”. واضاف “إننا إذ نرفض أن تتحول سوريا إلى ساحة للصراعات الدولية والإقليمية، نعتقد أن المجتمع الدولي يتمتع بالقوة والقدرة اللازمتين لتحقيق توافق دولي يؤسس لمخرج سياسي من الأوضاع المأساوية الراهنة، يقوم على فرض فوري لوقف إطلاق النار، وسحب المظاهر المسلحة وإطلاق سراح المعتقلين والإغاثة العاجلة للمنكوبين وعودة المهجرين وصولاً إلى مفاوضات شاملة لا تستثني أحداً تستكمل بمصالحة وطنية أصيلة تستند إلى قواعد العدالة والإنصاف”.

وطالب بيان “نداء روما من أجل سوريا” اعتبار الأمم المتحدة “الطرف الدولي لوحيد المسؤول عن تنسيق جهود اغاثة السوريين ودعم صمودهم داخل وخارج البلاد”.

أضف تعليق